الاثنين، 22 أبريل 2013

ليسَ كُلّ ما يلمعُ ذهب!!

السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته..


ما أقسانا عندما نُلقي ونُصدِرُ الأحكام على أشخاصٍ لا نعلمُ عنهم سوى القَليل، وقد لا نعلم عنهم شيئًا، فقط نراهم من بَعيد، بَعيد جدًّا، ونصدر الأحكام الكثيرة، والتي -معظمها- ظُلمٌ لَهم.!!


يا لقسوتنا!!


هو أستاذٌ يُدرّس في المدرسة الإعداديّة، اعتادَ أن يقفَ في الصباح أمام باب المدرسة ينظرُ من جاء مبكّرًا من التلاميذ، ومن المتأخر، فينذره أو يعاقبه!!
وكان يراها دائمًا تتأخّر، تأتي في العاشرة أي الحصّة الثالثة!! كان يسكت، كظم غيظه كثيرًا!! وسبحَ بأفكاره إلى العُمقِ الكئيب، وذهبَ يغوصُ ويغوصُ أكثرَ وأكثرَ في أفكارٍ شيطانيّة، حتّى قرّر يومًا ان يثور كالبركان وينفجر فيها!!


ودقّت السّاعة، وها هو ينتظرها عند باب المدرسة، والساعة قد قاربت على العاشرة، حتّى جاءت، كبحَ جِماحَ غيظِهِ، وحاول أن يتكلّم بهدوء: مالي أراكِ تتأخّرين يوميًّا، وتأتين في مثل هذه الساعة إلى المدرسة!!
يتكلّم معها، وألفُ ألفُ بركانٍ يكاد ينفجرُ في داخله!! يريد أن يصرخ في وجهها، أن يعنّفها..ولكنّه يحاول قدر المستطاع أن يهدأ..!!


وهُنا كانت الصّاعقة!! الطامة الكُبرى..!!قالت له بصوتٍ هادئ يعتريه حزنٌ دفين: أما تدري يا أستاذي أنّ أمّي متوفية؟ وبوفاتها أنا سيّدة البيت، أجهّز أخوتي الصغار وأحضّر لهم الفطور، وأودّعهم ذاهبين لى المدرسة، أرتّب المنزل، وأحضّر الغداء ليعود أخوتي ويجدوه جاهزًا فيأكلوا!!
نعم يا أستاذي، لهذا السّبب آتي في مثل هذه الساعة، ما فعلتُ ذلك عن أمري!!


هُنا، لم يدرِ المعلم ماذا يفعل؟!! أيوبّخ نفسه ؟ أيبكي؟ أيفرح لعطاء هذه الفتاة؟ أيحضنها؟ أيقبّلها؟ أيواسيها؟ أيشكرها على هذا الجهد؟!!ماذا يفعل؟!!!!!


لذلك أقول لك... لااااااا تتسرّع !!


وهو أستاذٌ آخر، هو مدرّسٌ بديل، غاب أحدُ الأساتذة فجاء ليدرّسه بدلًا منه!! سأل سؤالًا، أجاب أحد الطّلّاب بذكاء، فطلب من الطلاب بأن يصفّقوا لزميلهم..
الجميع يصفّق إلا هي، تجلسُ في المقعد الأخير من الصّف، ولا تصفّق!! ينظرُ إليها باستغراب، وهو في أوّل غرفة الصف، ويقول لها صفّقي، لِمَ لا تصفّقين كباقي زملائك؟!!، هي ترفض، وهو يصرخ من بعيد، صفّقي، صفّقي!!!! وهي تأبى!!
فتقدّم إليها، ليفهم منها لِمَ لا تريد التّصفيق كباقي زملائها في الصّف!!


وهُنــــآ كانت الصّاعقة، هُنــآ كان الألم يجوب شوارع قلبه!! يمزّقه إربًا !! كانت للفتاة يدٌ واحدة، والأخرى مقطوعة!! اقترب منها وهي تبكي وتبكي!!! وهو ينظرُ إليها وقد بدت على وجهه ملامح الأسى والألم الذي اعتصر قلبه!! تبًّا وألفُ تبًّا !!!


ولذلك، ها أنا ثانية أقول لك.. لااااااا تتسرّع !!


ليسَ كُلّ ما يلمع ذَهب!!


لا بأس بالاقتراب منهم، محاولة فهمهم، محاولة تفقّد أحوالهم، معرفة ما يدور في خُلدهم!!
لا تصدر الأحكام، لا تتسرّع!! لا تتسرّع !!!

كتبتها لكم ذاتَ الوشاح الأبيض

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق