الاثنين، 15 أبريل 2013

بين ألم وجحود تضيع حياة!!!

المشهد الأوّل:


هما زوجان يشتهيان طفلًا يزيّن حياتهما، يلاعبانه، يدغدغانه، ينتشيا عند سماع ضحكاته الطفولية البريئة، يملؤ عليهما بيتهما بفراغه الموحش!!
خمسُ سنواتٍ مرّت من زواجٍ حميم وإلى الآن لا يوجد حمل، أجريا الفحوصات، ليطمئنّا أنّهما قادران على الإنجاب..


دقّت السّاعة، معلنَةً موعدهما مع الطبيبة! يدخلان إليها متوترين، خائفين، قلقين! قلباهما يخفقان بقوّة وبشدّة، وكأنّهما سيخرجان من جسديهما!
 يدخلان إليها وجهها عَبوس مصفرّ، لا تستطيع أن تُبقي ناظريها على الزّوجين عمومًا، وعلى الزّوج خاصّة!!!
تخبرُ الزّوجة أن لا مشاكل لديها، وأنّها قادرة على الإنجاب، ارتااااحت، هي بخير!! ولكن، الآن دور الزّوج، تنظرُ الطبيبة إلى نتائج الفحوصات، وهي متوترة، يعتريها القلق! شفتاها لا تسعفانها على الكلمات!! قالت له بصوت خانق: للأسف، أنتَ لا تُنجب!!
كانت صاعقة كُبرى كادت تقتله!! صرخ، لا..لا..!! كاد يُجنّ!!! وزوجته بجانبه مصعوقة هي الأخرى، مصدومة، متألّمة!!
أمسكت به، وساعدته ليضع جسده المُنهك، جسده المفجوع، ليجلس على الأريكة! تنهّد تنهيدةً طَويلة، وبكى بصمت، بصمت المفجوعين، وبألمهم..ثمّ هدّأ من رَوعه، معزّيًا نفسه بأنّه قدرُ الله وقضاؤه.... وتمتم: الحمدُ لله، الحمدُ لله... ثم قام وزوجتُه برفقته خارِجَين، منكّسي رأسيهما، غمامات الأسى تلاحقهما، ضاقت عليهما الأرضُ بما رحُبت!!!


انتهى!


المشهدُ الثّاني:


هُما زوجان، تزوّجا منُ أقل من سنة تقريبًا، لم تمضي أشهرٌ قليلة حتّى بدأت تشعرُ الزّوجة بآلام، وبالدّوخة، بمعنى آخر، بدأت أعراضُ الحمل تظهرُ عليها، أجرت الفحوصات اللازمة، وجاءتها البشارة..
مُبارك، زوجتُك حامل!
تلكَ الضّحكات المتعالية، والفرحة العارمة التي تملّكتهما، عاشا أجمل اللحظات، واروعها وهما ينتظران فلذة كبدهما ليُطلّ على هذه الحياة، ليعطيهما أجملَ ما يتمنيان، الأمومة والأبوّة..!
مع مرور أشهر الحمل، تُجري الزّوجة فحوصات عَديدة! يأتيها الطبيب ويصدمها بقوله: الجَنين مشوّه، وأنصحُكِ بإجهاضه!


لفتة >>


- وتأتي أخرى، تريدُ الإجهاضَ مدّعية أنّها تريد أن تستمتع بحياتها مع زوجها، قبل إقبال المسؤوليات والهموم عليهما!
-وأخرى تقول، لقد اكتفيت، يكفيني من الأبناء ما لدي، لا أريد المزيد!!


عودة <<


تقرّر أن تُجهض، لا تريد أن تعاني مع ذاك المشوّه!!  وهو، جنينها، هُناك قابعٌ في أحشائها! يسمعها وهي تقول: لا أريده!! يااااه ما أقساها!! يتمنى لو يجيد البكاء لبكى، تمنّى لو يجيد الصراخ لصرخ بأعلى صوته!!
هو هُناك في أحشائها، قريبٌ من قلبها، من نبضاتها التي تدّعي حبه!! يمدّ يده الصغيرة إليه علّه يصله، يقول: أعلم جيّدًا أنكِ لن تسمحي لأحد بإيذائي، أنت تلاعبينني وتمازحينني! أنتِ تريدينني! أنتِ امّي!! أنتِ حبيـــ..!!
تسمحُ هذه المرأة، بكل وحشية ووقاحة، بكل قسوة، تسمح للأطباء بأن يدسّوا في بطنها حُقنة تقتل صغيرها!! تغتال براءته وطفولته!
تشعرُ به، يتحرّك بقوّة في بطنها، وكأنه يريد تمزيقه! ويكأنّه يريد أن يُشعرها ببعض الألم، ببعض تأنيب الضّمير..
تحرّك بقوّة، وقسوة، وسُرعة، ثمّ هدأ، هدأ للأبد!! وأخرجوه -ما أبهاه- ميّتًا، عفوًا، بل مقتولًا بأيدٍ ادّعت يومًا بأنّها أحبّته، وبأنّها يومًا انتظرته وانتظرت قدومه!!
الخُلاصة!
هم أزواج كُثُر، بعضهم مُبتلى، وبعضهم أنعم الله عليه، بعضُهم يرضى بالقضاء والقدر، ويسلّم أمره لله، وبعضهم يرفس النعمة ويجحدها!!
ما أقسى بعض البَشر! وما أتفههم! وما أسخفهم! وما أجرأهم! وما أحقرهم!!


كتبتها لكم، بكل أسى وألم 


ذات الوشاح الأبيض


هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم

    مؤلم حقًا ما كتبتِ.. لا أدرِ ماذا أعقب.. سأترك التأمل فيما قلت لنفسي.. ولكنني أردت أن أترك بصمتي هنا وأحثك على الاستمرار في الكتابة فأسلوبك جميل.. أتمنى لو واصلتِ الكتابة :)

    ردحذف
  2. وعليكِ السلام يا أندلس
    أشكركِ لتواجدك هُنا، وكلامكِ جدًّا مشجّع..
    أشكرُ لكِ حضورك الأنيق

    ردحذف